الشرق الأوسط على فوهة الحرب الشاملة.. هل تجتاح إسرائيل جنوب لبنان؟

إعداد ـ محمد كمال
في الوقت الذي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها سترسل قوات إضافية إلى الشرق الأوسط وسط تصاعد حاد في الصراع بين إسرائيل وقوات حزب الله في لبنان، ما زاد من خطر نشوب حرب إقليمية أكبر، فيما حلل خبراء عسكريون مدى احتمال وقوع الاجتياح البري للبنان.
ولم يقدم السكرتير الصحفي للبنتاغون الجنرال بات رايدر أي تفاصيل حول عدد القوات الإضافية أو ما سيتم تكليفهم به، فيما تشير قناة إى بي سي الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تنشر حالياً نحو 40 ألف جندي في المنطقة.
وتأتي عمليات الانتشار الجديدة بعد ضربات كبيرة شنتها القوات الإسرائيلية ضد أهداف داخل لبنان أدت إلى مقتل المئات، وبينما تستعد إسرائيل للقيام بمزيد من العمليات، فقد قالت وزارة الخارجية الأمريكية السبت، إنه «بسبب الطبيعة غير المتوقعة للصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل والانفجارات الأخيرة في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت، تحث السفارة الأمريكية المواطنين الأمريكيين على مغادرة لبنان بينما لا تزال الخيارات متاحة».
ـ أهداف إسرائيل ـ
وتظهر الضربات الجوية الإسرائيلية القاتلة وتحذيرات الإخلاء في لبنان الاثنين تصميمها على كسر عزيمة حزب الله وإجباره على وقف هجماته عبر الحدود على إسرائيل. فيما تعكس هذه التحركات أيضاً مدى بعد إسرائيل عن تحقيق هذا الهدف، وبالتالي اقتراب الجانبين من حرب شاملة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
ويرى مراقبون أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يأملون أنه من خلال تصعيد هجماتهم خلال الأسبوع الماضي، وضرب أدوات الاتصالات الخاصة بحزب الله، وقتل العديد من القادة الرئيسيين، سيثيرون أعصاب الجماعة ويقنعونها بالانسحاب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية. ومازال يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنهم إذا زادوا كلفة خسائر حزب الله، فسيكون من الأسهل على الدبلوماسيين الأجانب، مثل عاموس هوشستين، أحد كبار مبعوثي الولايات المتحدة، إقناع الجماعة بإنهاء استهداف إسرائيل، والسماح بعودة المستوطنين إلى منازلهم بشمال إسرائيل.
لكن، في الوقت الراهن، حدث العكس فعلى الرغم من أيام من الهجمات التصعيدية من جانب إسرائيل، تعهد حزب الله بعدم الخضوع للضغوط. وقال قادة الجماعة إنهم سيواصلون هجماتهم حتى يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس. ثم أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على أهداف على بعد نحو 30 ميلاً داخل إسرائيل، وهي أعمق ضرباته منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي والتي حذر أحد كبار مسؤوليه من أنها «مجرد البداية».
ـ الاجتياح البري والجبهات المتعددة ـ
ولا يبدو أن الاجتياح البري الإسرائيلي لجنوب لبنان وشيك، حتى مع تكثيف إسرائيل ضرباتها وتحذير المدنيين لإخلاء القرى التي قالت: إن حزب الله يخزن فيها الأسلحة. إذ قال كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين، الأدميرال دانييل هاغاري: إن التركيز الحالي ينصب على حملة جوية، وليس على عملية برية. ولكن إذا لم تتمكن إسرائيل من توفير أشكال أخرى من الضغط العسكري، فإن الاجتياح سوف يكون أحد الخيارات العسكرية القليلة المتبقية.
ومع ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي منهك بالفعل، إذ مازال يقاتل في غزة بينما يكثف أيضاً عملياته في الضفة الغربية، حيث يشن غارات منتظمة على المدن الفلسطينية. وناقش المحللون العسكريون جدوى محاولة إسرائيل خوض ثلاثة صراعات على الأراضي في وقت واحد، خاصة في ضوء التحديات التي يفرضها اجتياح لبنان.
وبعد 11 شهراً من القتال، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي بعد من هزيمة حماس بشكل كامل في غزة. ويسيطر حزب الله على منطقة أكبر وأكثر جبلية من تلك التي تسيطر عليها حماس في غزة. كما يُعتقد عموماً أن حزب الله يمتلك جيشاً أفضل تدريباً من قوات حماس، بالإضافة إلى تحصينات أكثر تطوراً.
ومن أجل اجتياح لبنان، سيحتاج الجيش الإسرائيلي على الأرجح إلى استدعاء الآلاف من جنود الاحتياط، والعديد منهم كانوا مرهقين بالفعل من الخدمة في غزة منذ ما يقرب من عام.
ـ رد حزب الله المتوقع ـ
ويرى محللون عسكريون إسرائيليون أن حزب الله قادر على التسبب في ألم لإسرائيل، ويكفيه فقط إطلاق صواريخ ذات رؤوس حربية ثقيلة على المدن الإسرائيلية الكبرى. وهذا من شأنه أن يغير المعادلة. ومن شأنه أن يفرض ضغطاً فورياً على صناع القرار الإسرائيلي للدخول إلى الأراضي اللبنانية.
ويشير تقرير لصحيفة هآرتس إنه لدى الإسرائيليين ذكريات واضحة للغاية عن الكيفية التي انتهت بها العمليات البرية الأخيرة في لبنان في عام 2006، إذ واجه خسائر موجعة في مارون الراس، وبنت جبيل. وإن كان من المستبعد أن السنوات الـ 18 التي مرت قد غيرت موازين القوى بين إسرائيل وحزب الله بطريقة أكثر قوة.
ويشير تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى احتمال حدوث تعقيدات هائلة في لبنان أمام الجيش الإسرائيلي، ومن الواضح أنه من المستحيل الثقة في أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسترشد فقط بالمصلحة الوطنية، فله اعتباراته الشخصية والتي تتفوق دائماً على أي اعتبارات أخرى.
ويوضح تقرير هآرتس إلى أن عملية انفجار الآلاف من أجهزة النداء التي كان يحملها أعضاء حزب الله، انطلقت ظاهرياً لأنها كانت على وشك أن تنكشف. ولكن إلى جانب فوائد العملية فقد تسببت أيضاً في قدر كبير من الضرر. وفوق كل شيء، فقد جعل حتى الأشخاص في لبنان، الذين ليسوا من أنصار حزب الله، يؤيدون الرد القاسي ضد إسرائيل. وهو ما دعا الكثير من السياسيين الإسرائيليين إلى ضرورة البحث عن حل دبلوماسي سريع، حتى لا يتكرر خطأ إطالة أمد الحرب مثلما حدث عام 2006.
ـ القوات الأمريكية في المنطقة ـ
ومنذ اندلاع الصراع بين حماس وإسرائيل في 7 أكتوبر بدأت الولايات المتحدة في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، إذ أرسلت حاملة الطائرات USS Theodore Roosevelt إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي والتي تشمل منطقة الخليج والبحر الأحمر وخليج عمان، وأجزاء من المحيط الهندي، ضمن ما تصفه بـ«عملية الردع» في المنطقة، لحماية أمن حليفتها الأبرز إسرائيل.
وقال مركز تحليل السياسات الأوروبية، CEPA: إن البحرية الأمريكية، نجحت في حشد واحدة من أكبر تجمعات القوة بشرق البحر الأبيض المتوسط ​​منذ أربعين عاماً.
وتنشر الولايات المتحدة حالياً مجموعة واسعة للغاية من القوات البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، تابعة للأسطول السادس، فهل تتمكن هذه القوات من ردع اندلاع حرب مدمرة بات وشيكاً أكثر من أي وقت مضى؟

Exit mobile version