أخبار العالم

خبراء ومحللون لـ «الخليج»: أثر خفض الفائدة يظهر بعد 6 أشهر

متابعة: مهند داغر وخالد موسى
قال خبراء ماليون إن خطوة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بتخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، جاءت في ظل مخاوف جدية من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن التحديات التي تواجهها الشركات، في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة، وهي خطوة تهدف إلى حماية الاقتصاد من مخاطر الركود».
وتوقع الخبراء في استطلاع ل«الخليج» أن يرى العملاء الأفراد في الإمارات فوائد انخفاض أسعار الفائدة، من خلال انخفاض معدلات الرهن العقاري والقروض الشخصية، في وقت أدت هذه الخطوة إلى ارتفاع أسعار الذهب بعد فترة وجيزة من الإعلان عن القرار».

الصورة

أشار جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن حملة التشديد كانت فعالة، ما يمنح الأسواق الأمل في هبوط سلس.
وبحسب الخبراء «يساعد انخفاض أسعار الفائدة، الشركات في نهاية المطاف على إعادة تمويل ديونها بأسعار فائدة أرخص، إلا أن هذه العملية تستغرق عادة من 6 إلى 12 شهراً لنرى آثاراً ملموسة في الاقتصاد، ومن المتوقع أيضاً أن يرى العملاء الأفراد في الإمارات فوائد انخفاض أسعار الفائدة، من خلال انخفاض معدلات الرهن العقاري ومعدلات القروض الشخصية».
ويشير الفيدرالي إلى خفضين آخرين لأسعار الفائدة عام 2024، مع انخفاض أسعار الفائدة إلى 4.25%-4.5%، وفي عام 2025، من المتوقع أن تنخفض المعدلات أكثر من ذلك بمقدار 100 نقطة أساس.
مستويات قياسية
كذلك، توقع المحللون استمرار ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية، خصوصاً بعد قرار خفض الفائدة خمسين نقطة أساس إلى مستويات 4.75 إلى 5%، الذي أخذته لجنة السياسة النقدية في المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، لأول مرة منذ 4 سنوات. 
وأشار المحللون إلى أن «المستويات القياسية للذهب التي شهدناها عقب قرار الفيدرالي لم تكن مفاجئة، نظراً لأن المعدن الأصفر يستفيد في العادة من فترات انخفاض العوائد». 
وشدد المحللون على أن «تطور السوق، قد يظل مرتبطاً بالقرارات التالية للفيدرالي، ووتيرة خفض أسعار الفائدة، خلال الأشهر القادمة، وسنشهد مستويات جديدة في المرحلة المقبلة». 
مخاوف متزايدة
قال أنوج غويل، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة «سنشري برايفت ويلث»: «يعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، والذي جاء أكبر من المتوقع، إشارة قوية على عزم الاحتياطي على مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الولايات المتحدة».
وأضاف: «على الرغم من المخاطر، فإن خطوة الفيدرالي الجريئة تُظهر التزام الاحتياطي الفيدرالي الراسخ تحقيق هدف مزدوج، يتمثل في تعزيز أقصى قدر من العمالة واستقرار الأسعار. وفي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الأمريكي بيئة عالمية متزايدة التعقيد وعدم اليقين، فإن قيادة الفيدرالي الحاسمة ونهجه الاستباقي سيكونان أمراً ضرورياً، لتوجيه البلاد نحو طريق النمو والازدهار المستمر».

الصورة
1

تقلب الأسواق
وقالت تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات العملات في «ساكسو بنك»: «إن النتيجة الرئيسية من اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة واضحة.. هناك حالة واسعة من عدم اليقين بشأن ما هو مقبل، ويُظهر الخلاف الأول اليوم، منذ عام 2005، التحديات المتزايدة التي يواجهها الفيدرالي، وقد جعلت الإشارات الاقتصادية المتباينة عملية صنع السياسات أكثر صعوبة، حيث يكافح الفيدرالي لموازنة القوى المتنافسة المختلفة».
ورأت تشانانا أن هذا الأمر يتجلى في تشتت التوقعات، حيث يشير عضوان في الفيدرالي الآن إلى عدم وجود المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة لعام 2024، في حين يشير التوقع إلى تخفيض آخر بمقدار 50 نقطة أساس.
وقالت تشانانا: «يُشير هذا التباين إلى أننا قد نشهد المزيد من الاعتراضات، في ما يخص القرارات المستقبلية، خاصة مع احتمال خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر/ تشرين الثاني، ومع تحول التوقعات من خفض واحد فقط لأسعار الفائدة لعام 2024 في التوقعات النقطية في يونيو/ حزيران إلى 100 نقطة أساس من التخفيضات الآن على الطاولة، يبقى السؤال: ما مقدار الثقة التي يمكن وضعها في النقاط؟ وقد يصبح الفيدرالي أكثر انقساماً مع استمرار دورة التيسير، خاصة إذا استمرت البيانات في تقديم توقعات متباينة».
وتابعت: «يظل تحقيق هبوط سلس هو الهدف الأساسي للفيدرالي، لكن مراجعة المعدل المحايد للأعلى والقيادة التوجيهية المحدودة، من المرجح أن تبقي الأسواق في حالة تقلب».
تحولات سريعة
أكد محمد حشاد كبير استراتيجي الأسواق في «نور كابيتال»: «يشهد الاقتصاد الأمريكي تحولات سريعة، حيث يتراجع التضخم بشكل كبير، في حين يتجه سوق العمل نحو التباطؤ، ونتيجة لذلك، قام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.75% – 5%، وهو أول خفض لسعر الفائدة هذا العام، والذي قد يكون له آثار على فئات الأصول، بما في ذلك الذهب».
وأكد حشاد أنه «تاريخياً توجد علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وأسعار الذهب. فكلما انخفضت أسعار الفائدة، زاد الطلب على الذهب كأصل آمن، ما يدفع أسعاره للارتفاع».
يرى حشاد أن «العديد من المحللين يعتقدون أن هناك مجالاً لارتفاع أسعار الذهب في الأشهر المقبلة، بسبب الطلب غير المسبوق من البنوك المركزية عليه، والطلب المستدام من المستثمرين والتوترات الجيوسياسية».
ورجح حشاد أن يتم تعزيز مكانة الذهب كملاذ آمن، ما يؤدي إلى زيادة الطلب من كل من الشركات والأفراد، الذين يسعون إلى تنويع محافظهم الاستثمارية والحماية من تقلبات السوق.
قال حشاد: «قد تكون أسعار الذهب في وضع جيد لاختبار المستوى النفسي عند 2550 دولاراً، ثم الارتفاع إلى أعلى مستوى في 20 أغسطس/ آب (والذي تحول إلى دعم عند 2531 دولاراً) وأخيرا الهبوط إلى أدنى مستوى في 6 سبتمبر/ أيلول وهو 2485 دولاراً».
أكد حشاد أن «الذهب يشهد ارتفاعاً حاداً منذ يناير 2024 إلى مستويات قياسية جديدة عدة مرات، وبدأ الاتجاه الصعودي في أوائل مارس/ آذار بنحو 2160 دولاراً للأونصة، بزيادة قدرها 8%، مقارنة بالرقم القياسي السابق في ديسمبر 2023، وفي آخر إنجاز في 16 سبتمبر ارتفع متجاوزاً 2584 دولاراً، وليسجل زيادة كبيرة بنسبة 25% منذ بداية العام».
أسعار الذهب 
وقال المحلل المالي وائل محيسن «لا تزال النظرة المستقبلية للذهب صاعدة، حيث كانت التوقعات بالنسبة للذهب صاعدة في وقت سابق مدفوعة بطلب البنوك المركزية للدول الناشئة، والآن وبوجود اليقين بشأن التيسير الكمي الأمريكي».
واعتبر محيسن أن الخفض الكبير في أسعار الفائدة يمثل تحولاً في السياسة النقدية يهدف إلى دعم سوق العمل التي تشهد تراجعاً وحماية القوة المستمرة للاقتصاد الأمريكي.
وأضاف: «يحقق الذهب تاريخياً، أداءً جيداً خلال دورات خفض أسعار الفائدة، وهو اتجاه يبدو أنه سيتكرر، ومع ارتفاعه بنسبة 27% منذ بداية العام وحتى الآن، يبدو من المرجح أن يشهد المزيد من الارتفاعات، ومن الناحية التاريخية، وعلى مدى الدورات الثلاث الماضية لخفض أسعار الفائدة، حقق الذهب مكاسب بنسبة 43% في المتوسط من ذروة أسعار الفائدة خلال الدورة».
وتابع محيسن: «يشير خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى استعداد الاحتياطي الفيدرالي لحماية الاقتصاد من مخاطر الركود، وبالتالي تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن، علاوة على ذلك، مع اقتراب الانتخابات الأمريكية والتقلبات المحتملة في السوق في المستقبل، فإن الحالة الصعودية للذهب تحمل احتمالات كبيرة، حيث يتجه المستثمرون إلى المعدن كملاذ آمن».
ارتفاع مؤقت 
قال مايكل براون، كبير استراتيجيي الأبحاث في Pepperstone في حديث ل «الخليج»: «سجل الذهب الفوري ارتفاعاً مؤقتاً، ملامساً مستوى قياسي جديد، عقب القرار المفاجئ للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بخفض معدلات الفائدة بنحو 50 نقطة أساس، في ختام اجتماع سبتمبر/ أيلول». 
وأضاف: «هذا الارتفاع لم يكن مفاجئاً، نظراً لأن المعدن الأصفر عادةً ما يستفيد من فترات انخفاض العوائد، إلا أن التراجع الذي حدث لاحقاً، قد يكون نتيجة لتأثير الرسم البياني النقطي المصاحب لقرار خفض معدلات الفائدة، بالإضافة إلى تصريحات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، الذي أشار بوضوح إلى أنه من غير المتوقع خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في كل اجتماع مقبل. 
وفي شأن العوامل التي تؤثر في المعدن الثمين، اعتبر أن «الارتفاع الذي شهدناه هذا العام كان ظاهرة مثيرة للاهتمام إلى حد ما، حيث انفصل الذهب، خلال أغلب فترات العام، إلى جانب معظم المعادن الثمينة الأخرى، عن محركاته التقليدية مثل شهية المخاطرة».

الصورة
1

تدفقات 
وتابع:«قد يقودنا ذلك إلى استنتاج منطقي مفاده أن التدفقات النقدية، التي يُرجح أن تكون قادمة بشكل كبير من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، هي المحرك الأساسي وراء هذا الارتفاع الملحوظ، خاصة أنها لا تزال تعمل على تعزيز الطلب القوي على الذهب، وبالتالي، من المرجح أن تظل هذه التدفقات العامل المحفز الرئيسي للسوق، خلال ما تبقى من العام، ما لم تحدث مفاجآت «تيسيرية» من جانب لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، وهو ما قد يحدث في حال تراجع سوق العمل أكثر من التوقعات الحالية».
حافز قوي 
فيما قال مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق لشركة «بي دي سويس» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «تتأثر أسعار الذهب بشكل مباشر بقرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن خفض أسعار الفائدة. فخفضه لهذه الأسعار بنسبة 50 نقطة أساس، يشكل حافزاً قوياً لأسعار الذهب، مما قد يدفعها لبلوغ مستويات قياسية جديدة. لكن تطور السوق قد يظل مرتبطاً بالقرارات التالية للفيدرالي، ووتيرة خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر القادمة». 
استمرار الطلب 
وفي شأن السعر الذي يمكن أن يصل إليه الذهب، لفت إلى أنه «من الممكن أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع إلى مستويات جديدة، مع استمرار الطلب لأسباب اقتصادية وجيوسياسية والتي تدعم الذهب كملاذ آمن»، مشيراً إلى أن«استمرار هذه العوامل الداعمة، هو ما سيحدد مدى استمرار ارتفاع أسعار الذهب». 
طلب البنوك المركزية 
وفي شأن الأسباب التي أدت إلى وصول الذهب إلى المستويات القياسية التي نراها اليوم، قال سلهب:«نشهد طلباً كبيراً من قبل العديد من البنوك المركزية حول العالم على الذهب، وهذا ساعد على دفع الأسعار إلى الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، يتجه عدد من المستثمرين إلى الذهب، نظراً لتزايد المخاوف بشأن تباطؤ اقتصادي محتمل، خاصة في الولايات المتحدة والصين». 
وأضاف: «من الناحية الجيوسياسية، لا تزال التوترات في منطقة الشرق الأوسط والنزاع الروسي الأوكراني عوامل داعمة لأسعار الذهب. وتُضاف إلى ذلك حالة عدم اليقين التي تُحيط بنتائج الانتخابات الأمريكية القادمة. كل هذه العوامل ساهمت في زيادة الطلب على الذهب، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى