أخبار العالم

«الحزام الناري».. عدوى فيروسية خاملة تظهر مجدداً

تحقيق: عماد الدين خليل

الهربس النطاقي «الحزام الناري» فيروس طفح جلدي، يظهر بسبب الفيروس المسؤول عن الإصابة بجدري الماء. وأطلق عليه هذا الاسم، لأنه يظهر بمعظم حالاته على شكل حزام يحيط بالبطن أو الظهر أو الوجه، ويؤثر في الأعصاب، ترافقه آلام شديدة، مثل وخز الإبر. 
كما أنه عدوى فيروسية خاملة يصاب بها الفرد في مرحلة الطفولة، وتظهر مجدداً مع التقدم في العمر، مسببة مضاعفات خطِرة، إذا تجاهل المريض علاجها أو لم يتلقّ اللقاح المخصص لها، وخاصة لدى المسنّين وأصحاب الأمراض المزمنة.
القطاع الصحي في دولة الإمارات، تبوّأ مكانة مرموقة عالمية، وحقق نجاحات وإنجازات كبيرة يشيد بها العالم، بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، للارتقاء بالقطاع الصحي وتقديم رعاية للحفاظ على الصحة والسلامة، ما يتطلب معه التزام الجميع بالمبادرات والتحصينات التي يعلن عنها، حيث أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، في وقت سابق إضافة 18 نوعاً من التطعيمات واللقاحات ضد الأمراض، إلى تطبيق «الحصن»، أهمها تطعيم «الحزام الناري»، لمن تجاوز 50 عاماً، لتعزيز الالتزام بالبرنامج الوطني للتحصين، في إطار أولويتها لتطوير النظام الصحي ووقاية المجتمع من الأمراض السارية.
«الخليج» التقت عدداً من الأطباء المتخصصين للوقوف على طبيعة «الحزام الناري»، وأعراضه، وأسبابه، والمخاطر المرتبطة به على صحة الفرد وطرائق الوقاية منه، وأهمية تلقي اللقاح والفئات المؤهلة لذلك.
نقص المناعة
في البداية، يعرف الدكتور جهاد صالح عبدالله، استشاري الأمراض المعدية بمدينة الشيخ خليفة الطبية، ومستشفى الرحبة في أبوظبي، «الحزام الناري» بأنه مرض فيروسي يسببه فيروس جدري الماء، وهو الفيروس نفسه، المسؤول عن الإصابة بجدري الماء وقت الطفولة. ويتسبب «الحزام الناري»، بظهور طفح جلدي يؤثر في الأعصاب، ويرافقه ألم شديد، ويظهر في جهة واحدة من الجسم، على خلاف جدري الماء الذي ينتج عنه ظهور طفح جلدي يسبب الحكة، ويظهر في جزء معين، ثم ينتشر في باقي الجسم. 
ويوضح أنه عندما يصاب الطفل بجدري الماء، ويظهر الطفح الجلدي، ويعالج، يظل الفيروس مختبئاً في الجسم من دون ظهور أي علامات وأعراض لسنوات عدة، إلى أن تحين الفرصة للظهور، ويكون هو «الحزام الناري»، لنقص المناعة لأسباب متعددة منها التقدم بالعمر أو أمراض معينة أو تناول الأدوية. 
لافتاً إلى أن «الحزام الناري»، طفح جلدي في جهة واحدة من الجسم تتبع مسار أعصاب معينة، ومن ثم يتسبب في ظهور حبوب مؤلمة جداً، مع احمرار شديد في الجلد المحيط بتلك الحبوب أو الفقاعات.
ويوضح أن أعراضه، يمكن علاجها بالحبوب المضادة للفيروس، لكن عند المسنّين، ومرضى نقص مناعة قد تستمر تلك الأعراض حتى مع العلاج لمدة طويلة وتؤدي إلى آلام شديدة كوخز الإبر، تستمر لأسابيع وأشهر، حتى بعد اختفاء الطفح الجلدي. وإهمال العلاج وتلقي التطعيم الخاص، وخاصة عند المسنّين، قد يؤدي إلى مضاعفات خطِرة، كالتهابات في العين أو في الدماغ أو في أعصاب النخاع الشوكي.
وأكد أهمية الوقاية من المرض، بتلقي اللقاح المضاد للفيروس لمن هم، فوق 50 عاماً، أو من لديهم نقص مناعة، أو من يتناولون أدوية تؤدي إلى نقص المناعة، وعدم لمس أي طفح جلدي يظهر في الجسم من أي شخص. مشيراً إلى أنه بسبب الاستخدام الواسع لأدوية مثبّطات المناعة في مجالات متعددة، مثل التهابات المفاصل المناعية أو العلاج الكيماوي للسرطانات، أو علاج الأمراض المناعية للأمعاء والجهاز العصبي، أصبحت الإصابة ب«الحزام الناري» أكثر شيوعاً.
أعراض الإصابة:
يقول الدكتور محمد آصف قريشي، أخصائي طب الأمراض الجلدية بمدينة برجيل الطبية في أبوظبي، إن الهربس النطاقي «الحزام الناري» مرض شائع يمكن أن يتسبب بمضاعفات خطِرة، خاصة للمسنّين، ومن يعانون ضعف المناعة، أصحاب الأمراض المزمنة. وهو حالة مرضية شائعة ومؤلمة في كثير من الأحيان، وتصيب 1 من كل 3، في مرحلة ما من حياتهم بعد سنّ البلوغ، وفقاً لدراسة حديثة، وهي عدوى فيروسية يسببها الفيروس النطاقي الحماقي (varicella-zoster)، وهو الفيروس نفسه، المسؤول عن جدري الماء.
ويوضح أنه بعد إصابة الشخص بجدري الماء وهو صغير، يبقى الفيروس خاملاً داخل الجسم مدى الحياة، ولا يسبب عادة أية مشاكل أو أعراض، لكن مع التقدم في السن، يضعف جهاز المناعة طبيعياً بمرور الوقت، ما قد يسمح للفيروس الخامل بأن يتنشط. ولهذا السبب على الأغلب، فإن احتمالية إصابة الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً بالمرض أعلى، أما الذين يعانون ضعفاً في الجهاز المناعي، فهم عرضة لخطر متزايد أيضاً، ومن المحتمل أن تكون حالتهم أكثر خطورة إذا أصيبوا بتفشي المرض.
ويحدد 4 أعراض مبكرة للمرض وهي «الشعور بالوخز أو الألم في منطقة من الجلد، أو الصداع، أو الشعور بالإعياء والتعب بشكل عام. وعادة يظهر طفح جلدي متقرّح بعد بضعة أيام، على جانب واحد من الجسم فقط». موضحاً أن «الحزام الناري»، قد يتسبب بآلام مبرحة، وغالباً ما يصف الناس الألم على أنه حرقان أو وخز أو طعن، أو حتى حكة مستمرة لا يمكن تحمّلها. لافتاً إلى أنه عادة ما يستغرق شفاء الطفح الجلدي والأعراض الأخرى بين 3 و5 أسابيع، إلا أن بعض المرضى يعانون ألماً طويل الأمد أو غيرها من المضاعفات. ومن المضاعفات الأكثر شيوعاً الألم العصبي التالي للمرض، الذي يسبب ألماً حارقاً في الأعصاب والجلد يمكن أن يستمر أشهراً عدة.
دراسة حديثة:
وعن وجود علاج للمرض، أكد الدكتور صلاح، أن دولة الإمارات لا تتوانى في توفير أي علاج أو لقاح لأي مرض، للحفاظ على صحة المجتمع، وتعزيز الرعاية الصحية المقدمة، حيث وفرت اللقاح للوقاية من «الحزام الناري»، ويعطى اللقاح على جرعتين، وهو فعّال بنسبة تزيد على 90%، في الوقاية من الهربس النطاقي والألم العصبي التالي للهربس. ويوصي المرضى المؤهلين بالحصول على اللقاح. مؤكداً أنه سيمنع الإصابة أو يقلل شدتها، ويحد من خطر حدوث مضاعفات، فضلاً عن حماية الذين لم يتعرضوا للفيروس، حيث يكونون معرضين لخطر الإصابة بجدري الماء من الاتصال المباشر.
أسباب الظهور
وتوضح الدكتورة رحاب الشرع، أخصائية أمراض جلدية وتجميل، أن «الحزام الناري» مرض جلدي يسببه فيروس varicella-zoster وعادة هو مسؤول عن مرض جلدي، آخر، هو جدري الماء.
موضحة أن المصابين به، مصابون من قبل بفيروس «جدري الماء» وهم في مرحلة الطفولة ويظهر «الحزام الناري» مع التقدم في العمر وعند أصحاب الأمراض المزمنة.
وتشدد على هؤلاء، ضرورة تلقّي اللقاح الخاص به، والمتوافر في جميع المنشآت الصحية، لتفادي أي مضاعفات صحية يمكن أن تحدث بحسب منطقة الإصابة. لافتة إلى أن هناك أسباباً لظهوره، وهو التقدم في العمر، وخاصة فوق الخمسين عاماً، والمرور بضغوط نفسية، والذين يعانون نقص المناعة. 

الصورة

وتشير إلى أن أعراضه، تبدأ بآلام شديدة وحارقة وتغير بالحسّ في الجلد، في المنطقة التي سيظهر بها، وعادة يظهر على طرف واحد من الجسم، وبمنطقة معينة لانتقال الفيروس على مسير عصب للنهايات العصبية في الجسم، ويسبب الأعراض الجلدية التي تظهر على شكل مجموعات من الحبيبات الصغيرة التي تتحول إلى حبيبات ملأى بالمياه، على مسير عصب واحد بطرف واحد من الجسم، حيث يمكن أن يظهر على نصف الوجه إذا أصيب العصب الوجهي، أو نصف الصدر إذا أصيب عصب الصدر أو طرف البطن أو الساق، وغيرها من الأماكن الأخرى.
نسبة الإصابة:
ويؤكد الدكتور علي الدبيات، استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري، أن الإصابة ب«الحزام الناري»، تبدأ في الصغر بفيروس يظل خاملاً ويبدأ في الظهور مع التقدم في العمر وضعف جهاز المناعة. مشيراً إلى أن نسبة الإصابة به من الطفولة وحتى 40 عاماً تتراوح بين 3 – 4% فقط، في حين أن نسبة الإصابة لدى المسنّين، وأصحاب الأمراض المزمنة تصل إلى 70% لأسباب متعددة منها ضعف جهاز المناعة.
ويشدد على ضرورة تلقي هؤلاء للقاح. مشيداً بجهود دولة الإمارات بتوفير اللقاح والاهتمام بكبار السن، حيث أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، في وقت سابق، إضافة الكثير من التطعيمات واللقاحات ضد الأمراض إلى تطبيق «الحصن الذكي»، منها تطعيم «الحزام الناري»، لمن تجاوز 50 عاماً.
ويشير إلى أنه كان هناك نوع من التطعيم ضده تحت مسمى «الحي المضاعف»، وكانت نسبة الوقاية منه تبلغ 50%، إلى أن طوّر اللقاح، وأصبح يعطى اللقاح الجزئي، مع المحفز المناعي، لتصل نسبة الوقاية من المرض ومضاعفاته إلى 90% للمرضى، ما يعزز مستوى الرعاية الصحية المقدمة لأفراد المجتمع في الدولة.
ويوضح أن المصابين من قبل به، ثم شفوا معرضون للإصابة مرة أخرى. مؤكداً أهمية تلقي اللقاح وهو جرعتان بينهما من 3 إلى 6 أشهر، بحسب تعليمات الطبيب، ووفقاً للحالة المرضية للفرد. ويمكن أخذ اللقاح لغير المصابين في أي وقت من العمر، حيث إنه آمن للوقاية من المرض.
انتقال العدوى
وعن انتقال العدوى، تقول الدكتورة هبة أحمد غنام، أخصائية أمراض جلدية: لا يمكن لمرض «الحزام الناري»، الانتقال عبر الهواء، كالعطاس أو السعال الصادر عن المرضى، إلا أن الغريب أن لمس المصاب من آخر، قد يؤدي إلى الإصابة بجدري الماء، في حال لم تكن لديه مناعة ضد هذا المرض. 
وتضيف أن الفحص السريري، من أبرز وسائل تشخيص «الحزام الناري»، حيث يتحقق من مكان الإصابة التي تظهر على شكل بثور في أحد جوانب الجسم. ويمكن أخذ مسحة من سوائل هذه البثور وإرسالها للمختبر لإجراء التحاليل، للتحقق من طبيعة الإصابة.
وتوضح أن الخطة العلاجية لمريض «الحزام الناري» تعتمد على حالته الصحية ودرجة إصابته والكثير من العوامل الأخرى، وتتنوع بين العلاج الدوائي باستخدام الأدوية الفعالة والعلاج بالحقن ومضادات الفيروسات ومسكنات الألم والأدوية المضادة للهستامين التي تستهدف تخفيف الحكة المصاحبة للمرض، حيث يرشد المريض بسبل العناية الشخصية، مثل تجنب مهيّجات البشرة، كالملابس الصوفية، والحفاظ على نظافة المنطقة المصابة لتجنب العدوى البكتيرية، وترطيب المنطقة المصابة باستخدام مواد خالية من المركّبات المهيجة.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى